معاداة الساميه في فرنسا

اللوبي الصهيوني في فرنسا-الجزء الرابع.

  • اللوبي الصهيوني في فرنسا-الجزء الرابع.

اخرى قبل 3 سنة

اللوبي الصهيوني في فرنسا-الجزء الرابع.

معاداة الساميه في فرنسا

د سالم سرية اكاديمي وكاتب (فلسطين)

تعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باتخاذ "إجراءات" قانونية لمكافحة معاداة الساميّة بقوله: "سنتخذ إجراءات وسنصدر قوانين وسنعاقب"، وذلك عند زيارته مقبرة كاتسنايم في شرق فرنسا التي تعرّضت فيها العشرات من القبور اليهودية إلى أعمال تخريب رُسمت عليها الصلبان المعقوفة التي ترمز إلى النازية. كما زار ماكرون بعد ذلك النصب التذكاري للمحرقة النازية في باريس برفقة رئيسَي مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وأكّد موقفه هذا في اليوم الذي تلاه، بأن بلاده ستعتمد في تشريعاتها تعريفًا لمعاداة السامية، بحيث يتضمن معاداة الصهيونية، وأضاف أن "معاداة الصهيونية هي أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية" (1(

وكان ماكرون قد صرّح في صيف 2017 قائلًا: "لن نتنازل أبدًا أمام معاداة الصهيونية لأنها الشكل الجديد لمعاداة السامية"، وذلك في ختام مراسم الاحتفال بالذكرى 75 لحملة اعتقالات **"فال ديف"(التفاصيل في نهاية المقال) . هذا بحضور بنيامين نتانياهو، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس وزراء إسرائيلي في مراسم إحياء الذكرى (2)

ان حديث الرئيس الفرنسي عن معاداة السامية واعتبارها معاداة الصهيونية تجعلنا نسير قدما لتوضيح الالتباس بين هذين المفهومين في هذا المقال .رغم اني تحدثت عن الجانب التاريخي لهذا المصطلح (الجزء السادس من الخديعه الكبرى)اي هل نحن ابناء سام بن نوح ام هم ...الخ .لذا ساتناول هنا الجانب الأخطر من هذا المفهوم وصلته بنشؤ الصهيونية.

ان معاداة السامية (اللاسامية): هومصطلح يعني الكراهية والعداء لليهود كونهم يهودا. وقد ظهرت في الدول الاوروبية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, وتعاظمت في اوائل القرن العشرين. وكان الصحفي وليام مار أول من استخدم هذاالمصطلح عام 1879 أي قبل ولادة الحركة الصهيونية(1897)أي قبل ثمانية عشرة عاما (3)

اما اسباب العداء لليهود عبر التاريخ فتعود الى ما يلي :

1- السبب الاقتصادي :- تفوق اليهود في المجالات المختلفة في اوروبا وبالذات في المرافق الاقتصادية , وعرف اليهودي في الدول الاوروبية بالمستغل الذي يتعامل بالربا , ذلك لان اليهود كونوا طبفة غنية, سيطرت على رؤوس الاموال , واصبح هؤلاء اصحاب بنوك ومصانع وشركات سيطرت على اقتصاد تلك الدول.

2-العامل الديني: قيام المسيحيين في اوروبا في توجيه اصبع الاتهام نحو اليهود لكونهم متهمين بصلب السيد المسيح, لهذا رأى الأوروبيون انه يتوجب معاقبة اليهود لهذا الفعل .

3- العامل القومي: ظهور حركات واحزاب تنادي بتعميق الانتماء القومي, واتهموا اليهود بانهم غرباء عن المجتمعات الاوروبية, وانهم يفضلون الانعزال والانطواء, ويبتعدون عن المشاركة في حياة المجتمع.

4- العامل السياسي: ظهور وتطور الحركة البرلمانية التي ادت الى قيام احزاب تطرح افكارا معادية لليهود وذلك بهدف جذب مصوتين لدعم هذه الاحزاب.

5- العامل الاجتماعي: اعتبر اليهودي غريبا عن البيئة التي يعيش فيها من حيث ديانته وعاداته وتقاليده. وان اليهود كأقلية لا يرغبون في الاندماج في المجتمع الاوروبي المسيحي ليحافظوا على قوتهم ونفوذهم ويستغلوا ظروف الدول التي يقيمون فيها اضافة لوجود عقدة التفوق على الشعوب الاخرى(شعب الله المختار) (4)

وبناء على اسباب الحقد هذه(بعضها او بمجملها) ارتكبت المجازر والمذابح بحقهم في اكثر من بلد اوروبي قبل ان تولد الحركة الصهيونيه ومنها :

في عامي 1189 و1190 وقعت مذابح عنيفة ضد اليهود في لندن ويورك.وهناك نصب في يورك شاهد على ذلك حتى الآن.

وفي 31 أغسطس/آب 1290 أصدر ملك انجلترا إدوارد الأول أمراً بطرد كل اليهود من بلاده وأصبح أول بلد يقدم على هذا الإجراء في أوروبا قبل إسبانيا بثلاثة قرون وبعد أن طردت انجلترا اليهود عام 1290 قلدتها دول أخرى وطردتهم مثل المجر عام 1349 وفرنسا 1394 والنمسا 1421 ونابولي 1510 وميلانو 1597 والبرتغال 1497(5). وبعد سقوط الاندلس عام1492تعرض اليهود الى الملاحقة من قبل محاكم التفتيش في اسبانيا فمنهم من تنصر ومنهم من تشرد (6) .

وعقب اغتيال قيصر روسيا الكسندر الثاني(1881-1894)واتهام اليهود باغتياله قام ابنه الكسندر الثالث ومن تلاه باضطهادهم بمذبحة عرفت بالمئة السود ثم مجزرة وارسو فيما بعد (7).

وتم تكوين جماعة معادية للسامية في النمسا عام 1895 وإدارات صريحة معادية للسامية في فيينا رأسها كارل لويجر. وفي المجر ظهرت تهمة القتل الطقوسي عام 1882. ووصلت الظاهرة إلى فرنسا وانتشرت الدعاية المضادة لليهود بواسطة بول بونتو وإدوارد دريمون .

وبما ان حديثنا يرتكز حول اللوبي الصهيوني في فرنسا فانه يمكننا فهم انتشار اللاساميه في فرنسا على خلفية هزيمتها عام 1870 امام المانيا وتامرالملكيين والارستقراطيين ضد الجمهورية الثالثة التي تشكلت من العناصراللبيرالية . وبسبب وجود اليهود بين زعماء الليبراليين رفع شعار اليهودي هو العدو وان تآمر وخيانة اليهود هو السبب في هزيمة فرنسا في الحرب التي استولت فيها المانيا على الالزاس واللورين. واتخذ من تلك الهزيمة ذريعة لاثارة روح الكراهية لليهود. اضف الى ذلك افلاس البنك الكاثوليكي والخسارة الفادحة التي لحقت بأبناء الارستقراطيين من جراء ذلك واتهام عائلة روتشلد بانها وراء ذلك واخيرا افلاس شركة بانما التي دعمتها الحكومة وثبت انها دعمتها مقابل الحصول على رشوة . ان النجاح في جعل قضية بانما قضية يهودية يعود الى احد زعماء اللاسامية في فرنسا الصحفي ادوارد دريمون الذي نشر كتابه تحت عنوان (فرنسا اليهودية) سنة 1886 والذي تضمن عرضا تاريخيا للدور الذي قام به اليهود في الدولة ناسبا اليهم جميع المصائب التي حلت بفرنسا ثم اسس المنظمة اللاسامية القومية في فرنسا وبعد ذلك اصدر صحيفة يومية اسمها "الامر الحر" التي راحت تنشر الدعاية المنظمة ضد اليهود (8).

وفي الجزء القادم نتابع حديثنا عن اللاسامية في فرنسا.

** حملة اعتقالات فال ديف في 16 تموز/يوليو 1942 : قام تسعة آلاف موظف حكومي بينهم خمسة آلاف شرطي فرنسي باعتقال أكثر من 13 ألف يهودي بينهم 4115 طفلا من منازلهم في باريس والضواحي بأمر من رينيه بوسكيه قائد شرطة فيشي، وبطلب من الألمان اقتيد 8160 شخصا في حافلات إلى استاد سباق الدراجات الشتوي على رصيف غرونيل بالدائرة ال15 لباريس.وفي 22 تموز/يوليو نقلوا إلى معسكرات الالمان (الى المحرقه على حد زعمهم). واستهدفت حملة الاعتقالات هذه التي تعد الأكبر التي نظمت على الأرض الفرنسية حوالى ثلث 42 ألف يهودي نقلوا من فرنسا إلى اوشفيتز في إطار خطة تهجير واسعة ليهود أوروبا وضعها الألمان في مؤتمر فانسي في كانون الثاني/يناير 1942. (9)

الهوامش:

- فرانس 24، 19/2/2019، في http://bit.ly/2GXFpJO

2- http://bit.ly/2BRzdjj فرانس 24، 16/7/2017

3-ويكيبيديا https://ar.wikipedia.org/wiki

4-https://sites.google.com/.../mkefalef.../social_tichon/ho me/trath

5- https://www.bbc.com/arabic/world-49525609

6-https://www.bbc.com/arabic/world-49389999

7-

https://docs.google.com/.../1YgNiWadkEsSYSI38nu1SJL6.../edit

8- https://www.aljazeera.net/2004/12/22

محمد خليفة حسن

9- https://www.france24.com/ar/20170715

التعليقات على خبر: اللوبي الصهيوني في فرنسا-الجزء الرابع.

حمل التطبيق الأن